إدارة شرق الفيوم التعليمية
يشرفنا زيارتك ويشرفنا أكثر أن تكون معنا عضو
معاً ... نحن قادرون على التغيير
إدارة شرق الفيوم التعليمية
يشرفنا زيارتك ويشرفنا أكثر أن تكون معنا عضو
معاً ... نحن قادرون على التغيير
إدارة شرق الفيوم التعليمية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إدارة شرق الفيوم التعليمية

معاً .. نحن قادرون على التغيير
 
الرئيسيةالتسجيلدخولأحدث الصور
*** قوتنا مش اننا بقينا رقم واحد ..... قوتنا فى قوة كل واحد .....معا... قادرون على التغيير
**معا .. محافظة ... مديرية ... إدارة ... توجيهات مواد دراسية و توجيهات مالية وإدارية .. مجالس أمناء .. إعلام .. جرائد ومجلات .. مجتمع مدرسى .... وحدة دعم فنى وضمان جودة .... نحن جميعا قادرون على التغيير **

تهنئة من القلب للمدارس التى حصلت على شهادة الاعتماد والجودة ( الزاوية الجديدة ب / الفجرالجديد ب / محمدمعبد ب / دار الرماد بنات ب ) وكمان ( مدرسة مبارك الابتدائية  )عقبال باقى مدارسنا *** يا رب

*** علمت ان رزقى لا يأخذه غيرى فاطمأن قلبى  * وعلمت بان عملى لن يقوم به غيرى فاشتغلت به  ****

***ألف مليون مبروك  ****تهنئة من القلب من السيد الاستاذ / محمد ماجد المدير العام للادارة ووحدة الدعم الفنى لمدرسة مبارك الابتدائية بمناسبة حصولها على الاعتماد والجودة 2010/2011م ***
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
المواضيع الأخيرة
» قصيدة ذكرت فيها اسماء سور القرآن الكريم كلها
عبد الناصر و " فلسفة الثورة I_icon_minitimeالسبت 04 أكتوبر 2014, 11:31 pm من طرف عبدالحميدعفيفي

» حصريا ملفات المراجع الخارجى وادواته وادلة المراجع الخارجى
عبد الناصر و " فلسفة الثورة I_icon_minitimeالسبت 13 يوليو 2013, 3:47 am من طرف على الشناوى

» ليست العبرة " بَكثرة الآصْحَآبْ
عبد الناصر و " فلسفة الثورة I_icon_minitimeالإثنين 04 فبراير 2013, 10:11 am من طرف نور الحياه

» حكم روعة جداجدا
عبد الناصر و " فلسفة الثورة I_icon_minitimeالإثنين 04 فبراير 2013, 10:08 am من طرف نور الحياه

» مراكز التعلم برياض الأطفال
عبد الناصر و " فلسفة الثورة I_icon_minitimeالأحد 03 فبراير 2013, 9:30 am من طرف نور الحياه

» ت ..... قانون رقم 12 لسنة 1996 بشأن إصدار قانون الطفل اليوم في
عبد الناصر و " فلسفة الثورة I_icon_minitimeالجمعة 18 يناير 2013, 2:52 pm من طرف ahamedali1970

» قانون رقم 12 لسنة 1996 بشأن إصدار قانون الطفل
عبد الناصر و " فلسفة الثورة I_icon_minitimeالجمعة 18 يناير 2013, 2:51 pm من طرف ahamedali1970

» قانون الطفل المصري
عبد الناصر و " فلسفة الثورة I_icon_minitimeالجمعة 18 يناير 2013, 2:45 pm من طرف ahamedali1970

» دور المعلمة في كل فترة من فترات البرنامج اليومي
عبد الناصر و " فلسفة الثورة I_icon_minitimeالجمعة 18 يناير 2013, 2:37 pm من طرف ahamedali1970

مواضيع مماثلة
ازرار التصفُّح
 البوابة
 الصفحة الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 ابحـث
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
مايو 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
  12345
6789101112
13141516171819
20212223242526
2728293031  
اليوميةاليومية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط إدارة شرق الفيوم التعليمية على موقع حفض الصفحات

قم بحفض و مشاطرة الرابط إدارة شرق الفيوم التعليمية على موقع حفض الصفحات
منتدى
تصويت

 

 عبد الناصر و " فلسفة الثورة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ahamedali1970
ahamedali1970
ahamedali1970


عدد المساهمات : 394
من فضلك .. لاتقرأ وترحل .. اترك بصمة : 2
تاريخ التسجيل : 31/12/2009
الموقع : إدارة شرق الفيوم التعليمية

عبد الناصر و " فلسفة الثورة Empty
مُساهمةموضوع: عبد الناصر و " فلسفة الثورة   عبد الناصر و " فلسفة الثورة I_icon_minitimeالأربعاء 20 يناير 2010, 10:37 am

سأل عبد الناصر نفسه في كتابه " فلسفة الثورة " ، متى كان ذلك اليوم الذي اكتشفت فيه بذور الثورة في اعماقي ؟ .. واجاب " انه بعيد " ثم أضاف : " إن تلك البذور لم تكن كامنة في أعماقي وحدي وإنما وجدتها كذلك في أعماق كثيرين غيري . هم الآخرون بدورهم لا يستطيع الواحد منهم ان يتعقب بداية وجودها في كيانه . إن هذه البذور ولدت في أعماقنا حين ولدنا . إنها كانت أملاً مكبوتاً خلقها في وجداننا جيل سابق " .
عم كان يتكلم عبد الناصر ؟
ما هو الأمل المكبوت الذي تداولته أجيال متعاقبة ؟
أولاً : إن كان الأمل في معرفة مشكلة مصر معرفة علمية صحيحة فإنه لم يوجد في مصر . منذ الاحتلال البريطاني عام 1882 حتى ثورة 1952 ، أحد يعتد به احتاج إلى ، وبالتالي حمل أملاً في . من يعلمه ان الاحتلال البريطاني هو مشكلة مصر الأولى ومصدر كل مشكلاتها التي لن تحل إلا بعد ان تتحرر مصر من الاحتلال .
ثانياً : إن كان الأمل في معرفة الحل الصحيح لمشكلة الاحتلال فإنه لم يوجد في مصر ، منذ الاحتلال البريطاني عام 1882 حتى ثورة 1952 ، أحد يعتد به احتاج إلى ، وبالتالي حمل املاً في . من يعلمه ان تحرير مصر واستقلالها هو الحل الصحيح لمشكلة الاحتلال .
ثالثاً : كيف التحرير ؟ .. هذا هو السؤال . لم يكن الأمل المكبوت الذي تناقلته الأجيال في مصر إلا أمل اكتشاف الأسلوب المناسب لإجلاء المحتلين وتحرير مصر .
لهذا الأمل الذي بقي معلقاً سبعين عاماً بعيداً عن الواقع قصة ينبغي أن يلتفت اليها الجيل الجديد ليعرفوا على الأقل أن آباءهم وأجدادهم وآباء أجدادهم .. الخ لم يفشلوا في تحقيق أملهم في تحرير مصر لأنهم كانوا أقل علماً أو معرفة أو وطنية أو شجاعة أو تضحية من جيل ثورة 1952 ، أو أن هذا الجيل كان يملك من أسباب النجاح أكثر مما كانت تملك أجيال سبقته لولا أنه كان يملك ضابطاً اسمه جمال عبد الناصر .
نروي ملخصاً لهذه القصة ، قصة بذور ثورة تحرير مصر الممتدة منذ الاحتلال وننتهزها فرصة لإشباع هوايتنا في التذكير بما نذكره من أسماء قادة وشهداء الحركة الوطنية الذين لا يذكرهم أحد عادة .
الخط " الدرامي " في هذه القصة ( إذا صح التعبير ) هو انه منذ البداية في 11 يوليو 1882 حتى النهاية في 23 يوليو 1952 لم يكف أي جيل من أجيال الشعب عن محاولة تحرير مصر . ما أن يشب الأطفال حتى يقتحم جيل جديد من الشباب معارك مقاومة الاحتلال . الجيل الذي عاصر الاحتلال قاومه عسكرياً وشعبياً تحت قيادة أحمد عرابي . كان مصطفى كامل في ذلك الوقت غلاماً فما أن شب مع جيله حتى كان يقود جيله في المقاومة . ثم لم تمض أكثر من إحدى عشرة سنة على وفاة مصطفى كامل حتى كان جيل جديد ، يفجر ويخوض ثورة 1919 تحت قيادة " الشيخ " سعد زغلول . والذين كانوا أطفالاً عام 1919 لم يلبث جيلهم أن أوفى بمسئولية المقاومة في عام 1935 . ومن صفوف الناشئة عام 1935 ستستأنف المقاومة فور انتهاء الحرب الأوروبية الثانية عام 1945 بينما يكون جيل جديد قد بدأ يخطط لثورة 1952 . وهكذا تطهرت كل الأجيال في نهر الحركة الوطنية المتدفق لم يتخلف أحد .
ولقد استعملت تلك الأجيال المتعاقبة كل ما يخطر على البال من أساليب مقاومة الاحتلال .
انضوت قوى كثيرة في خط الاسلوب السياسي السلمي . قبول الاحتلال كأمر واقع والتعامل معه إدارياً والتماس التحرر عن طريق التدرج الاصلاحي في التربية والتعليم والتقدم الاقتصادي ، وبوجه خاص تدريب الشعب ورفع كفايته على حكم نفسه في نظام دستوري ديموقراطي ومفاوضة المحتلين أنفسهم لإقناعهم بان شعب مصر قد بلغ من رشد التمدين – على الطريقة الأوروبية – ما يؤهله للاستقلال . فكونت تلك القوى أحزاباً عدة : حزب الاصلاح على المبادىء الدستورية ( 1907 ) وحزب الاحرار ( 1907 ) وحزب النبلاء ( 1908 ) والحزب المصري ( 1908 ) والحزب الدستوري عام ( 1910 ) وحزب الوفد ( 1918 ) وحزب الأحرار الدستوريين ( 1922 ) والهيئة السعدية ( 1938 ) والكتلة الوفدية ( 1942 ) .

أما عن القوى الثورية فقد اقتحمت المعارك قبل أن تفكر في الأحزاب ففي يوم الاحتلال ذاته ( 11 يوليو 1882 ) قصفت البوارج الانجليزية مدينة الاسكندرية تمهيداً لبدء الاحتلال ، أما رجال الحزب الوطني أحمد عرابي وصحبه وقادة وجند المقاومة العسكرية المنتصرون في رد العدوان عن الاسكندرية المنهزمون في بلبيس فمذكورون . مذكور أيضاً أن عدد القتلى من أفراد الشعب قد تجاوز الألفين في يوم واحد . لا أحد يذكر هؤلاء ويتركونهم كما لو كانوا ضحايا القصف العشوائي أو العاجزين عن الهروب ، لولا أن يقول الإمام محمد عبده في كتابه عن الثورة أنه أثناء ضرب مدينة الإسكندرية " كان الرجال والنساء تحت مطر من القنابل ونيران المدافع ينقلون الذخائر ويقدمونها إلى بعض الطوبجية ( رجال المدفعية ) وكانوا يغنون أغنيات تلعن الأميرال سيمور ومن أرسله " . تصورا . الشعب ، الناس العاديون الذي قال روسو منذ قرنين ألا أحد غيرهم يستحق الاهتمام . ما أن يبدأ العدوان حتى يدخلوا ضده المعركة غير مجندين رجالاً ونساء ، غير مسلحين فيحملون إلى المجندين الذخائر تحت مطر من القنابل غير محصنين ، ونيران المدافع غير هيابين ويؤلفون الأغاني وحي اللحظة ويغنونها نشيداً للثورة .
وفي عام 1900 أنشأ الحزب الوطني جهازاً للتوعية والإعلام والتعبئة الفكرية والمعنوية والدعائية لمقاومة الاحتلال قوامه ثلاث صحف تصدر كل منها بلغة ( العربية والانجليزية والفرنسية ) وأرسل بعض شبابه إلى " سويسرا " للحصول على جنسيتها والعودة محصنين ضد الاجراءات البوليسية كأنهم غير مصريين . وفي عام 1906 – قبل أن ينتظم حزباً – أنشأ منظمته الثورية لمقاومة الاحتلال وعملائه بالعنف المسلح . كان أول المؤسسين إبراهيم ناصف الورداني ومحمود عنايت وعبد الحميد عنايت وعبد الفتاح عنايت وخليل مدكور وشفيق منصور وعوض جبريل ونجيب الهلباوي . وبدأوا نشاطهم رداً على مذبحة 13 يونيو 1906 حيث حوكم الفلاحون في قرية دنشواي على ما أسند إليهم من الدفاع عن قريتهم ضد الجند الإنجليز واصدر بطرس باشا غالي قاضي المحكمة الصورية أحكام الإعدام والجلد فأعدم أربعة من أهل القرية في القرية أمام ذويهم . ففي يوم 20 فبراير 1910 أعدمت المنظمة بيد إبراهيم الورداني الخائن بطرس غالي وأعدم الشهيد يوم 28 يونيو سنة 1910 وهو يهتف " الله اكبر الذي يمنح الحرية والاستقلال " .
وفي عام 1914 اندلعت الحرب الأوروبية الأولى فأعلنت إنجلترا " الحماية " على مصر وأفرغت مصر من رجالها العاملين إذ " وضع نظام للتطوع ظهر عدم كفايته فصدرت الأوامر بأخذ العمال من الحقول بالإكراه وطريقته أن يدخل رجال الحكومة القرية وينتظروا رجوع الفلاحين إلى منازلهم عند الغروب فيحدقون بهم كالأنعام وينتقون خيرهم للخدمة فإذا رفض أحدهم التطوع الإجباري جلد حتى يقر بالقبول ( صحيفة الرائد البريطانية في 3 أبريل 1919 ) . بلغ " المتطوعون " للعمل في جبهة القتال وراء الخطوط وفي الخنادق في الجبهة الشرقية وفي أوروبا أكثر من مليون . وحل محل الشعب المنزوح من وطنه ما ملأ أرض الوطن من أشتات الجند . كتبت مس درهام مقالاً يوم 2 ابريل 1919 في جريدة الديلي نيوز قالت فيه : " بلغ الجنود الانجليز من الجهل أنهم كانوا يظنون مصر بلداً انجليزياً وأن المصريين أجانب دخلاء فيعجبون كيف سمح لهؤلاء العبيد بأن يأتوا إلى هذه الديار " . وما ان انتهت الحرب حتى اندلعت الثورة في 9 مارس 1919 لم يتخلف أحد عن الإسهام فيها حتى النساء وتعرضت القرى في الريف للاجتياح المسلح . قتل اكثر من مائة مواطن فلاح ثائر من قرية ميت قرشي . وقتل شنقاً 51 مواطناً فلاحاً ثائراً من قرية دير مواس . وقتل من لم يهتم أحد بحصرهم في قرى اسيوط والواسطي وصنبو وملوى والمنيا وفاقوس ورشيد وقليوب والاسكندرية فنكاد نقول إن ثورة 1919 كانت في الأساس ثورة فلاحين ( إخوة وآباء الذين تطوعوا جبراً وأصحاب المحاصيل التي نهبت ) . ذلك لأن الفلاحين قد حددوا أهدافهم الثورية بقطع شرايين الاتصال بين قوات الاحتلال ( الطرق والكباري والسكك الحديدية ) فأصدر القائد العام للقوات البريطانية يوم 20 مارس 1919 بلاغاً يقول : " كل حادث جديد من حوادث تدمير محطات السكك الحديدية أو المهمات الحديدية يعاقب عليه بإحراق القرية التي هي أقرب من غيرها إلى مكان التدمير وهو آخر إنذار " . وطاردت المنظمة الثورية كبار المتعاونين مع سلطة الاحتلال قذفاً بالقنابل اليدوية : يوسف وهبة باشا رئيس الوزراء ( ديسمبر 1919 ) الوزير اسماعيل سري باشا ( يناير 1920 ) الوزير محمد شفيق باشا ( فبراير 1920 ) الوزير حسين درويش ورئيس الوزراء نسيم باشا ( يونيو 1920 ) . وكسبت المنظمة دماء جديدة : عبد الخالق عنايت ( الأخ الرابع من أولاد عنايت ) : عبد العزيز علي صاحب فكرة تكوين الضباط الأحرار ومنشىء أول خلية منها ( ووزير البلديات في أول وزارة لثورة 1952 ) ومحمود راشد ، وراغب حسين ، وعلي ابراهيم ، والعامل محمد فهمي ، وابراهيم موسى .
كان عبد العزيز علي رئيساً للمنظمة الثورية حين قامت ثورة 1952 ، وقد كان معجباً إعجاباً فائقاً بالعامل ابراهيم موسى ولا يترك مناسبة إلا وذكره وضربه مثلاً للناشئين من أمثالنا . كان وطنياً متصوفاً لا يتحدث في السياسة ولكن يطارد الإنجليز ويقتلهم حيث يثقفهم . وكان قناصاً لا يخطىء الرماية . قال عبد العزيز علي إنه وغيره كانوا يضعون خطط إعدام الإنجليز ويتركون دور إطلاق الرصاص لإبراهيم الذي يحضر يوم التنفيذ ويستلم مسدساً ويطلق طلقة واحدة تنهي حياة من أعدم ويسلم المسدس وينصرف هادئاً إلى منزله .. " في الشرابية " ، وكان عاملاً في ورش السكك الحديد وأباً لسبعة أطفال .. وقد حاولت أن انبش حي الشرابية بحثاً عن أحد من أسرته لأعرف الجانب الاجتماعي من ثوريته فلم اهتد إلى أحد .
استمر نشاط المنظمة ثلاث سنوات مليئة بجثث كبار رجال الإدارة من الإنجليز . براون مراقب عام وزارة المعارف . كييف وكيل حكمدار القاهرة الذي كان يجبر من يعتقل على أكل روث الخيل . بيجوت مدير مالية الجيش الانجليزي . براون آخر مدير قسم البساتين . بون الأستاذ في مدرسة الحقوق الذي كان يدرس للطلبة عدم استحقاق مصر للاستقلال واخيراً وليس آخر السيرلي ستاك " سردار " قائد الجيش المصري . أعدمه عبد الحميد عنايت وإبراهيم موسى وراغب حسين ومحمود راشد وعبد العزيز علي يوم 19/11/1924 . خانهم نجيب الهلباوي فقبض عليهم وعلى بقية اعضاء المنظمة الثورية وفي 7/6/1925استشهد شنقاً عبد الحميد عنايت وإبراهيم موسى ومحمود راشد وعلي إبراهيم وراغب حسين وشفيق منصور ومحمود إسماعيل
ثم جاءت ثورة " الطلبة " عام 1935 تحدياً لتصريح صمويل هور وزير خارجية بريطانيا الذي اعترض على عودة دستور 1923 والتي انتهت بإرغام الملك فؤاد على إعادته وفيها استشهد الطلبة محمد عبد المقصود شبيكة ومحمد محمود النقيب وعلي طه عفيفي وعبد المجيد مرسي ومحمد عبد الحكم الجراحي وأصيب 168 طالباً كان من بينهم جمال عبد الناصر الطالب في مدرسة النهضة الثانوية ( جريدة الجهاد في 14 /11/ 1935 ) .
أطلق الضابط الإنجليزي ليز أربع رصاصات على الشهيد عبد المجيد مرسي الطالب بكلية الزراعة فقتله . فتقدم محمد عبد الحكم الجراحي الطالب بكلية الآداب وخاطب القاتل بثبات وجرأة قائلاً : " أمن الشجاعة ان تضرب بالرصاص شاباً أعزل فتقتله " فقال ليز : " أتود ان تلحق به " . فتقدم إليه عبد الحكم قائلاً : " أتريد ان تقتلني أنا أيضاً . هل هذه هي شجاعتكم التي تتشدقون بها . هاك صدري . إننا لسنا جبناء مثلكم " فاطلق عليه الجبان الرصاص ومات شهيداً يوم 19 نوفمبر 1935 .

قبل أن يموت عبد الحكم أرسل برقية إلى رئيس وزراء إنجلترا " روح الشر " قال فيها : " أحد رجالكم الأغبياء أصابني برصاصة وانا أموت الان شيئاً فشيئاً ولكني سعيد للغاية أن ضحيت بنفسي . إن الموت أمر صغير وآلام الموت عذبة المذاق من أجل مصرنا . فلتحيا مصر . فليسقط الاستعمار ، ولتسقط انجلترا ، وسيتولى الله عقابكم قريباً أنتم وإنجلترا روح الشر فلتحيا التضحية " .
ثم بدات الحرب الأوروبية الثانية عام 1939 .
وبدأ دخول ضباط الجيش حركة المقاومة . أول مجموعة منظمة كانت من ضباط الطيران : وجيه أباظة ، حسن عزت ، أحمد سعودي ، عبد اللطيف البغدادي ، حسين ذو الفقار صبري ، عبد المنعم عبد الرؤوف ، حسن إبراهيم ، محمد شوكت . وجيل جديد من الشباب ، محمد علوي ، يوسف كمال ، عبد المعطي عطية ، محمد سليم حجازي ... الخ . وطلبة المدارس الثانوية ، في القاهرة قتلوا أمين عثمان ، وفي الاسكندرية هاجموا معسكرات الإنجليز أربع مرات في الأنفوشي ، وفي الشلالات ، ومعركة تحمل إسم إسحاق نديم ، والنادي البريطاني . أسفرت عن قتل وإصابة 138 بريطانياً قبل أن يقبض على المنظمة الطلابية الثورية ويزجوا بالثوار في السجون .
يوم " 21 فبراير " من كل عام هو يوم الطالب العالمي .
أسمي كذلك تكريماً لذكرى نضال الطلبة في مصر ضد الاحتلال الإنجليزي .

ففي يوم 21 فبراير 1946 اجتاحت شوارع القاهرة المحتلة عشرات الألوف من الطلبة والعمال والتجار وصغار الموظفين في مظاهرات كثيفة تردد هتافين متميزين . الأول : " الجلاء بالدماء " والثاني " لا حزبية بعد اليوم " . من اجل الدلالة التاريخية لهذا الهتاف الأخير نكتب ما نكتب ، لم يحدث من قبل أن أجمعت القوى الشعبية الثائرة ضد الاحتلال على الربط بين التحرير وإلغاء الأحزاب . إنه حكم بانتهاء مرحلة تاريخية كاملة بدأت منذ أول حزب تكون عام 1907 وهو أذان الشعب ببزوغ فجر ثورة 1952 . استشهد في القاهرة أربعة وعشرون واصيب مائة وثلاثون . أضرب الشعب جميعه في اليوم التالي ، واستؤنفت المعارك في الإسكندرية ، استشهد في الإسكندرية ثمانية وعشرون واصيب ثلاثمائة واثنان واربعون ...
1947 و 1948 اندفاع قوى الثورة على أرض فلسطين دفعاً للعدوان الصهيوني ..
8 أكتوبر 1951 حكومة الوفد ألغت المعاهدة . معاهدة " الشرف والاستقلال " كما كان مصطفى النحاس قد وصفها عام 1936 . انسحب تلقائياً انسحاباً جماعياً من العمل بمعسكرات الإنجليز ستون ألف عامل مضحين بلقمة العيش من أجل .. الوطن فلا شيء غيره ينتظر العاطلين . بدأت الحرب الشعبية المنظمة . وانخرط آلاف من الشباب والكهول في " كتائب التحرير " المدربة المسلحة يحيطون بالقوات الإنجليزية في منطقة القناة وشرق الدلتا .
المعارك ضارية والشهداء يتساقطون . في السويس 68 شهيداً و190 جريحاً يومي 3 و4 ديسمبر 1951 . هدم 156 منزلاً في قرية أم عبده ( 7 ديسمبر 1951 ) معركة مروعة في فنارة ( 14 ديسمبر 1951 ) . تدمير محطة اتصال لاسلكي أقامها المحتلون في فردان ( 16 ديسمبر 1951 ) مهاجمة مساكن الضباط الإنجليز في نقطة المحجر ( 28 ديسمبر 1951 ) مذبحة الإنجليز أثناء احتفالهم برأس السنة في الإسماعيلية ( 31 ديسمبر 1951 ) 12 قتيلاً و18 جريحاً . موقعة التل الكبير ( 12 يناير 1952 ) أسر المهاجمون سبعة ثوار ثم ردوا جثثهم وقد نهشتها الكلاب . أول مرة يستخدم الإنجليز الكلاب المدربة في المعركة . في اليوم التالي قتل 12 ضابطاً وجندياً انتقاماً للشهداء السبعة . معركة الإسماعيلية ضد رجال البوليس في مبنى المحافظة ( 22 يناير 1952 ) استشهد خمسون جندياً وجرح أكثرمن تسعين ..
الصحف البريطانية تعلق على أحداث معركة التل الكبير
التيمس : " إنه من المدهش والغريب أن القيادة البريطانية في مصر تعترف صراحة بأن جميع الفدائيين المصريين قد تصدوا لها أثناء معركة التل الكبير وواجهوا القوات البريطانية بكامل أسلحتها وحاربوا ببسالة منقطعة النظير " .
والديلي ميرور – و النيوز كرونيكل : " إن معركة التل الكبير تعتبر من أعنف المعارك التي واجهتنا في مصر إذ أنها تفوق في عنفها جميع المعارك التي خضناها في فلسطين . وإنه لعجيب أن يصمد الفدائيون للقوات البريطانية يوم السبت 12 يناير 1952 ويحاربوا ببسالة وشجاعة الفرق الميكانيكية والأسلحة الثقيلة وجنود المظلات وفرق الكاميرون والهايلاندرز " .
وفي 26 يناير 1952 " حرقت القاهرة " . أعلنت الأحكام العرفية . أقيلت وزارة النحاس التي أعلنت الأحكام العرفية فور إعلانها . أوقفت بالقوة " الوطنية " حرب التحرير الشعبية ..
العجز اليائس ..
منذ سبعين عاماً لم يتخلف جيل . منذ سبعين عاماً استعملت كل الوسائل . منذ سبعين عاماً والأحزاب تحكم وتحاول وتفاوض وتستقيل أو تقال . منذ سبعين عاماً والشهداء يتساقطون المشكلة ( الاحتلال ) باقية وتزداد حدة بدون حل ( استقلال ) وقد فشلت كل الوسائل وعجزت كل القوى عن حلها .. فما العمل ؟
ماالذي كان يريد الشهيد عبد الحكم الجراحي ان يقوله حين قال في برقيته إلى رئيس وزراء إنجلترا : " سيتولى الله عقابكم .. " . هل وصل العجز إلى حد اليأس ؟ .. إذن فإن حركة التطور الإجتماعي في مصر قد أصبحت في حاجة موضوعية إلى " بطل " أو – على الأصح – أن هناك دور بطولة يبحث عمن يؤديه وكل الظروف وكل القوى تستدعيه .




(6)
الاستدعاء .. والوفاء
يقول الاستاذ المؤرخ المستشار طارق البشري : " إنه في سياق أزمة الحكم والأزمة السياسية العامة التي عانت منها الحياة المصرية منذ إلغاء المعاهدة في 8 أكتوبر 1951 حتى حريق القاهرة في 26 يناير 1952 لم تستطع التيارات السياسية والشعبية وتنظيماتها أن تتجمع سريعاً في شكل من أشكال الجبهات التي يمكنها من تجميع الرأي العام السياسي وراء الأهداف المتفق عليها . ويوم الحريق نفسه كادت مصر ان تكون بغير سلطة سياسية ، وانفلت زمام الأمور ، ورغم ذلك لم تستطع التنظيمات القائمة مجتمعة او منفردة أن تلتقط أياً من أطراف السلطة الملقاة طريحة . وقد لوحظ في تلك السنوات الأخيرة أن نما بين العناصر غير الحزبية من الوطنيين تيار يفتش عن " الرجل " و " القائد " و " الزعيم " بل ينادي جهرة بحثاً عن " الديكتاتور " الذي تختاره مصر . وزاد الإتجاه نمواً بعد انكسار التنظيمات الشعبية الذي أعقب حريق القاهرة وحتى 23 يوليو 1952 .
الديموقراطية ونظام 23 يوليو ..
حديث الصديق الرقيق في حاجة إلى تعليق .
لم تكن مصر في حاجة إلى سلطة " تدير " بل كانت في حاجة إلى حركة " تحرير " فلم يهتم أحد بالتقاط أطراف السلطة الملقاة طريحة . لم تكن مشكلة الاحتلال في حاجة إلى رئيس حكومة يعجز في النهاية عن تحرير مصر فيضطر في النهاية إلى مهادنة المحتلين وعملائهم كما فعل في النهاية مصطفى النحاس ، خريج مدرسة الحزب الوطني قبل ان يكون وفدياً . وواحد من أصلب الزعماء دفاعاً عن الوطن في البداية .. لم تكن مصر في حاجة إلى " جبهة " من الأحزاب فقد جربت عام 1935 فأسفرت عن معاهدة 1936 . ألم تر كيف هتف الشعب " لا حزبية بعد اليوم " عام 1946 ؟ إنه الشعب نفسه الذي استنفد جهده الثوري لجمع الأحزاب في جبهة عام 1935 . ألم تساهم كل الأحزاب في إنشاء كتائب التحرير فما ان أحرقت القاهرة وقيل انفضوا إلا وانفضوا وقد كانوا أقرب إلى الجبهة التي تساند الكتائب ، كل ما يأخذه المؤرخ النابه على " التيارات السياسية والشعبية ومنظماتها " كان قد جُرّب من قبل وفشل وبقي الدعاء من أجل " رجل " أو " زعيم " .
ولم يكن ذاك الدعاء ملحوظاً في السنوات الأخيرة فقط ، بل كان متردداَ بعد إخفاق كل مرحلة نضال ثوري . اول من استدعاه كان الإمام محمد عبده في اوائل القرن بعد فشل ثورة أحمد عرابي وأسماه حينئذ " المستبد العادل " . وظلت أقرب المنظمات من الشعب وتعبيراً عن آماله تحتضن أمل الزعيم . أعني تجعل من نفسها " حاضنة " " للزعيم " المنتظر ( وهي ظاهرة متكررة في تاريخ الذين يحتضنون فكرة المهدي المنتظر ) .
كان مبدأ " الزعيم " الفرد ركناً أساسياً من مبادىء حزب الوفد منذ نشأته تحت قيادة سعد زغلول حتى نهاية قيادة مصطفى النحاس . كان سعد زغلول هو " الزعيم " الذي لا تتقيد إرادته بقرارات حزبه ولا يخضع في تكوين تلك الإرادة وتقريرها وفرضها لأي نظام داخلي أو أية اغلبية حزبية . وكذلك كان مصطفى النحاس . لم يكن أي منهما يلتزم البدهية الأولى في النظام الحزبي الليبرالي وهي الخضوع لرأي الأغلبية إلا إذا كانت الأغلبية مؤيدة رأيه الخاص . أما إذا خالفت الأغلبية ، أو حتى الحزب كله ، رأيه فهو الزعيم الذي لا تجوز مخالفته .
كانت قيادة حزب الوفد عام 1921 تتكون من سعد زغلول رئيساً وأربعة عشر عضواً . فلما اختلف الأعضاء مع " الزعيم " أصدر قراراً منفرداً بفصل عشرة أعضاء أي اغلبية القيادة . وفي عام 1932 كانت قيادة الوفد تتكون من مصطفى النحاس رئيساً واحد عشر عضواً . فلما اختلفت مع " الزعيم " أصدر قراراً منفرداً بفصل ثمانية أعضاء أي اغلبية القيادة ..
كانت تلك " ايديولوجية " الوفد . نشرت الجريدة الوفدية " كوكب الشرق " يوم 3 يناير 1936 رأي الوفد في الضرورة الاجتماعية " للزعيم " فقالت : " ما خلت نهضة عامة من زعامة ولا أقفرت حركة وطنية من قيادة ولا قامت ثورة إلا على توجيه . ومن ثم كان للزعيم في الحركات القومية قداسة لا يمسها شيء ومقام لا ترتفع إليه ظلال الشبهة وأوج لا يبلغه إتهام . إن الجماعات هي التي تختار زعماءها ولكن الاختيار نفسه لا يلبث أن يحيط ذاته بالقداسة والتكريم الواجبين للمعنى المتمثل به . فإن الزعيم هو الجماعات نفسها في فرد كما أن الجماعات هي الفرد نفسه ممثلة فيه " هل كان ذلك نفاقاً لمصطفى النحاس ؟ .. لا . في 10 سبتمبر 1937 أراد مصطفى النحاس أن يمهد لفصل محمود فهمي النقراشي في مواجهة أغلبية اعضاء الوفد فقال : " ما كنت يوماً من الأيام رئيس حزب أو هيئة بل زعيم أمة بأسرها فمن خرج عليها صبّت عليه غضبها ، ومن وقف في طريقها كان كمن يقف أمام التيار الجارف يكتسحه فيلقيه في قاع اليم فلا يجد لنفسه مخرجاً ولا إلى الحياة طريقاً " . وفصل النقراشي بعد خطابه ذاك بيومين .
أما عن جماعة " الإخوان المسلمون " – القوة الشعبية الثانية – فقد نشأت ونمت على أساس من نظام البيعة على السمع والطاعة والتسليم الكامل للقيادة – احتجاجاً – في غير موضعه – بقوله تعالى : " فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما" .ولقب رئيس الجماعة " المرشد العام " يوحي بما هو أكثر من الزعامة لأن مخالفته لا تعني شيئاً أقل من فقدان " الرشد " .
فإذا تركنا الأحزاب لنفتش عن أمل الزعيم لدى الذين يصوغون الرأي العام ويربون الناشئة في المدارس والجامعة . نرى فيما كان يلقيه الدكتور عبد السلام ذهني والدكتور وايت إبراهيم من دروس على طلبة القانون العام في جامعة القاهرة ترويجاً مباشراً لأمل الزعيم لإصلاح " النظام الديموقراطي " . وهما ينقلان عن لوديل قوله : " لابد في سبيل المحافظة على كيان الدولة وحتى تستطيع معالجة ما ينزل بها من اضطراب أو قلق من أن يكون هناك فرد في زعامتها يجمع في يده مزايا السلطة المطلقة . قد تكون هذه السلطة المطلقة ممقوتة في نظر فريق من الشعب وفي بعض الظروف ، على أن جماعات الشعوب بوجه عام تميل إلى تحبيذ ما تقفه الهيئات الحاكمة من مواقف الحزم والجرأة " . وينقلان على لاسكي قوله : " وقد ازداد الأخذ بهذا المبدأ بعد الحرب وذاع شيوعه " وينقلان عن جيتز فتش قوله : " إن السلطة التنفيذية القوية والقادرة المنتجة هي ضرورة لازمة للنظام البرلماني " وينقلان عن بارتيلس قوله " ليست الأحزاب إلا جماعات تأكلها الأضغان والأحقاد والمنازعات وعدم الثقة " . وينقلان عن شارل بينوا .. الخ . ( نقلنا ما تقدم من كتاب " مجموعة رسائل في الأنظمة الدستورية والإدارية " الذي اشترك في تأليفه الدكتور عبد السلام ذهني والدكتور وايت إبراهيم بدلاً من الرجوع إلى المؤلفات المنفردة لكل منهما وقد كان هذا الكتاب هو الذي يدرس في كلية الحقوق حتى عام 1940 ) .
عندما تقوم الثورة في 23 يوليو 1952 سيكون قد شغل مركز الاستاذية لتدريس القانون العام في كلية الحقوق الدكتور سيد صبري فيبادر إلى مساندتها حتى قبل إلغاء الدستور بمقال أحدث أثراً هائلاً عن " الشرعية الثورية " نشر في " الأهرام " يوم 27 يوليو 1952 . والدكتور عثمان خليل الذي سيقول : " لقد أجمع الفقهاء الدستوريون على ان أسوأ مظاهر الاستبداد هو الذي يأتي عن طريق مظاهر تمثيلية أو نيابية وانه استبداد معسول يستبد بالشعب باسم الشعب " .
لم يكن أساتذة القانون في الجامعة هم وحدهم الذين يستدعون الأمل البطل بل استدعاء خارج الجامعة من يعبرون بالأدب والفن عن آمال الشعوب . وكان على رأسهم توفيق الحكيم . قبل ان تدركه الشيخوخة أنشأ كتابه الذي نشر تحت عنوان " شجرة الحكم " عام 1938 في شكل مسرحية مباشرة التعبير ، وقدم لطبعة جديدة منه بقوله : " إن الحكم المثالي ، في واقع الأمر ، ليس في المبادىء المثالية بل في الأشخاص المثاليين " وكأنما أتخذ من جمال الاداء الفني للمسرحية وسيلة لإغراء القراء بان يقتنعوا برأيه القائل " إن البرلمان في مصر هو الأداة الصالحة لتخريج الحكام غير الصالحين " . وأيده بمقال نشر في عام 1938 تحت عنوان " لماذا انقد النظام البرلماني " .. نقل فيه إلى قراء مسرحيته أن .. " خير مصر والبلاد الشرقية في محيطها الصغير وخير العالم كله بدوله الكبرى والصغرى في محيطها الكبير يتوقف على ظهور حفنة من رجال نسوا في لحظة من لحظات أبهة أشخاصهم وسيادة دولهم ليعملوا خالصين مخلصين لتحقيق المبادىء المثالية على الأرض بما تحويه من عدالة وحق وتعاون ومحبة وإخاء .
وكان الاستاذ إحسان عبد القدوس يعبر بقوة وصدق عن جيل ثورة 1952 قبل ان تقع ، ويدعو لها ، ويحتل مكاناً مؤثراً في الاتجاه الفكري للحركة الوطنية المعاصرة . كتب مقالاً بعنوان " إن مصر في حاجة إلى ديكتاتور .. فهل هو علي ماهر " تحمس فيه للدفاع عنه " لأنه يعتد برأيه إلى حد لا يسمح معه للوزراء بالتفكير " ( هكذا !! ) ثم قال " ومصر تقبل معه ان يعتد برأيه إلى حد ان يصبح ديكتاتوراً للشعب لا على الشعب . ديكتاتوراً للحرية لا على الحرية ، ديكتاتوراً يدفعها إلى الأمام ولا يشدها إلى الخلف " .

ويقول أحمد حمروش في كتابه " قصة ثورة 23 يوليو " : " في هذه المرحلة ( يقصد مرحلة ما قبل الثورة ) كانت ضحية المناداة بالحاكم المستبد العادل قد علت وترددت ووصلت إلى الذروة سواء في الخارج أو في الداخل " نشر الكاتب الأمريكي ستيوارت اليوب مقالاً في صحيفة " شيكاغو صن تايمز " يقول فيه : إن الحديث عن انعاش الديموقراطية في بلد كمصر يعيش فيه اغلبية الشعب عيشة احط من عيشة الحيوانات لغو فارغ . إن مصر لاتحتاج إلى ديموقراطية بل تحتاج إلى رجل فرد . إلى رجل مثل كمال اتاتورك ليقوم بالاصلاحات الضرورية اللازمة للبلاد . لكن مشكلة مصر في كيفية العثور على الديكتاتور فليس بين رجالها من ليه المؤهلات اللازمة للديكتاتورية .
و .. و .. و ... الخ
كل الناس كانوا يعبرون بطرق شتى على ضرورة اجتماعية قائمة في الواقع الموضوعي تنعكس في وعيهم بدرجات متفاوتة ، وتدل جملتها على ان المجتمع في حاجة إلى بطل ، أو – الأصح – أن في المجتمع دور بطولة في حاجة إلى من يؤديه .
إنه دور ظهرت معالمه بعد أن تحقق . أما قبل ذلك فكان مجرد تصوره ينتمي إلى " الأوهام " .. المشكلة : الاحتلال ، الحل : التحرير . فمن ذا الذي كان يمكنه أن يتصور :
1- أداة تحرير من القوات المسلحة مثل عرابي .
2- تعزل الملك حتى لا تتعرض لمثل خيانة توفيق .
3- توحد القوى من الثوار فتركز على هدف التحرير بصرف النظر عن الخلافات السياسية .
4- وتلغي الازدواج في الخط الوطني فتلغي الأحزاب التي تمثل الخط الاصلاحي .
5- وتستولي على السلطة لتواجه الاحتلال بمصر كلها .
6- وتحي المقاومة الشعبية وتفاوض الإنجليز في ظل القتال .
7- وتتحدى دولة كبرى بالتحالف مع أكبر عدد من الدول .
8- وتقاتل فإن انتصرت فمقدمة إلى قتال جديد وإن انهزمت لا تستسلم .
9- لا تفقد في كل الظروف الثقة بذاتها وبأسلوبها وبالنصر .
10- مستعدة دائماً ، وملتحمة بالجماهير الشعبية وخاصة الفلاحين القوة الضاربة في ثورة 1919
11- ثم تكتشف انتمائها القومي العربي فتخوض معارك تحرير امتها .
من كان يتصور إمكان اجتماع كل هذا معاً في زمان واحد تحت قيادة رجل واحد ، هو الذي جمعه ، استجابة لاستدعاء تاريخي لحل مشكلة ظلت معلقة سبعين عاماً ..
ألم يكن عبد الناصر هو الذي اجاب الدعاء ؟… بلى
إنه إذن " البطل " ..
(7)
البطولة ليست ناصرية
نهاية بطل ..
بإداء دور البطولة تنقضي الحاجة الاجتماعية إلى البطل ، أي بطل ، ويصبح اصطناع أدوار بطولة أو اصطناع أبطال تهريجاً عابثاً . قد تجد في مرحلة تاريخية لاحقة الحاجة الاجتماعية إلى بطل ، حينئذ ستستدعي بطلها الذي سيكون مختلفاً عن كل الأبطال التاريخيين الذين سبقوه بقدر اختلاف الظروف الاجتماعية التي احتاجت إليه فاستدعته عن الظروف الاجتماعية التي احتاجت إليهم فاستدعتهم .
وانقضاء الحاجة الاجتماعية إلى البطل مرتبط موضوعياً بإنقضاء سبب الحاجة الذي عرفنا أنه العجز الذاتي العام عن تحقيق ما هو قابل للتحقق موضوعياً مما يشكل عقبة في سبيل التطور الاجتماعي ( حل المشكلات الاجتماعية ) . والمفروض والمتوقع أن تضطرد حركة التطور الاجتماعي بدون عوائق ذاتية بعد اداء دور البطولة وأن يستغنى عن البطل بعد أن يكون الدور الذي أداه قد دخل كتجربة تاريخية وعي الناس في المجتمع إن ما كانوا يظنون أنه غير قابل للتحقق قد كان دائماً قابلاً للتحقق لو كانوا اكثر ثقة بأنفسهم فيتحررون من الشعور بالعجز أمام أية عوائق أو عقبات تثور في طريق تطوير مجتمعهم بعد ذلك . أي تصبح المجتمعات اكثر ثقة بمقدرتها على التطور واكثر إيجابية وفاعلية في حركة تطورها . وهكذا بينما تنتهي حاجة المجتمع إلى البطل بالوفاء ، وتنتهي البطولة بالإداء ، تبقى آثار التجربة التاريخية البطولية في نفوس البشر يتناقلونها عبر تاريخهم فيقال إن الأبطال خالدون وما هم كذلك وإنما تخلد في نفوس البشر الآثار التي أحدثها الأبطال .
ولقد كان عبد الناصر بطلاً استدعته حاجة المجتمع إلى التحرر من الاحتلال البريطاني وعجز الناس فيه عن تحريره على مدى سبعين عاماً بالرغم من اشتراك كل الأجيال واستخدام كل الوسائل التي يعرفونها لطرد المحتلين . فأدى عبد الناصر دوره على مدى اثنتي عشرة سنة ( ابتداء من عام 1944 ) . وتحررت مصر فعلاً تحرراً كاملاً يوم أول يناير 1957 على وجه التحديد .
ففي 22 ديسمبر 1956 كان قد تم جلاء القوات التي اعتدت على مصر ( في 5 نوفمبر 1956 ) رداً على قرار عبد الناصر تأميم قناة السويس ( 26 يوليو 1956 ) الذي كان بدوره رداً على قرار الولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا بسحب عرضهما المساهمة في بناء السد العالي ( 18 يوليو 1956 ) الذي كان رداً على قرار عبد الناصر كسر احتكار السلاح والتعامل مع المعسكر الاشتراكي وإبرام صفقة الاسلحة مع تشيكوسلوفاكيا ( سبتمبر 1955 ) الذي كان بدوره رداً على الهجوم الصهيوني المسلح على مركز قيادة القوات المسلحة في غزة ( 28 فبراير 1955 ) الذي كان بدوره .. إلى آخر سلسلة رائعة ومروعة من الهجمات والهجمات المضادة في معارك التحرير المجيدة التي قادها عبد الناصر منذ ان شكل أول خلية للضباط الأحرار أو وحد خلاياهم عام 1944 ، وانتصر فيها فتحررت مصر من الاحتلال البريطاني يوم اول يناير 1957 .
ففي ذلك اليوم ، وبعد جلاء القوات المعتدية ، صدر قرار بإلغاء اتفاقية " الجلاء " التي كان مجلس قيادة الثورة قد عقدها مع إنجلترا ( 19 أكتوبر 1954 ) والتي كانت تحتفظ لإنجلترا " بمسمار جحا " في أرض الوطن لتعود إلى مصر بعد الجلاء ( تم في 18 يونيو 1956 ) : " في حالة حدوث هجوم مسلح من دولة أجنبية على مصر أو أي بلد عربي يكون عند توقيع هذا الاتفاق طرفاً في معاهدة الدفاع المشترك بين دول الجامعة العربية أو على تركيا !! تقدم مصر للمملكة المتحدة من التسهيلات ما قد يكون لازماً لتهيئة القاعدة ( قاعدة قناة السويس ) للحرب وإدارتها إدارة فعالة وتتضمن هذه التسهيلات استخدام الموانيء المصرية في حدود الضرورة القصوى في المادة 4 فقرة 1 من الاتفاقية ) .
في أول يناير 1957 أصدر عبد الناصر قراراً بإلغاء تلك الاتفاقية واستولت مصر على كافة ما في مخازنها من أدوات وأسلحة . والواقع أنه ما كان يمكن الحديث جدياً عن تحرير مصر من الاحتلال البريطاني ما دامت باقية . وبإلغائها اكتمل تحرر مصر بقيادة جمال عبد الناصر ، فنقول أكمل عبد الناصر الوفاء بدور البطولة الذي استدعاه فأداه فأصبح به بطلاً وانقضت البطولة بالنسبة إلى الدور وإلى البطل .. ولكن بقي ما هو أعمق أثراً في تاريخ الشعب العربي وأولى بانتباه الناصريين .. نعني آثار التجربة التاريخية البطولية في نفوس البشر ..
نبدأ بالناس كافة ..
يوم أن مات عبد الناصر تقدم العالم كله ، الأعداء والأصدقاء ، ليشهدوا بأن قد فقد العالم " بطلاً تاريخياً " . الجيل الجديد لم يشهد ماقاله الشهود غداة استشهاد عبد الناصر يوم 28 سبتمبر 1970 ، يوم جللت الصحف بالسواد في برلين وكراتشي وبلجراد واعلن الحداد العام في كوبا . لا أظن أن ثمة بأساً بأن نحكي لهم بعض ما شاهدنا وهو يعد جزءاً لازم للوصول إلى ما نريد أن نصل إليه . يومئذ أي يوم 29 سبتمبر 1970 قالت صحيفة " رودي برافو " التشيكية : " إن واحداً من أعظم الزعماء في القرن العشرين قد ترك الحياة " وقالت صحيفة " بوليتيكا " اليوغوسلافية : " إنه واحد من أبرز زعماء سياسة عدم الانحياز " . وقالت صحيفة " جنرال انزيجو " التي تصدر في ألمانيا الغربية : " انه الرئيس المصري الذي ظل الغرب يخشاه ويحاربه طوال أكثر من عشر سنوات " . وقالت صحيفة " لوفيجارو " الفرنسية : " إن وفاته تعتبر كارثة لا يمكن تبين أبعادها " . وقالت صحيفة " لونيتا " الايطالية : " إن وفاته خسارة جسيمة لكل الحركة المعادية للاستعمار " . وقالت صحيفة " واجنر نيهيتر " السويدية : " لقد ترك وراءه فراغاً كبيراً فهو الزعيم العربي الوحيد الذي كان يتمتع بمركز دولي " .
وفي ستوكهلم قال رئيس وزراء السويد : " إنه كان أحد الشخصيات من أصحاب المقام الأول في العصر الحديث وأن بوفاته تخيّم الكآبة على جميع أنحاء العالم " . وفي كوالا لامبور قال رئيس وزراء ماليزيا : " إن وفاته خسارة فادحة للعالم الإسلامي " . وفي تاناناريف قال رئيس جمهورية مالاجاش : " إن عبد الناصر كان بطلاً وطنياً " . وفي كولومبو قالت رئيسة وزراء سيريلانكا : " إن وفاته خسارة لا تعوض بالنسبة إلى العالم بأسره " ، وفي هافانا قال كاسترو رئيس كوبا : " إن وفاة عبد الناصر خسارة عظيمة للعالم كله وللشعوب والدول العربية " . وفي روما قال رئيس وزراء إيطاليا : " إن وفاة الرئيس عبد الناصر حرمت العالم العربي من زعيم فذ " ... الخ .
أهي مجاملة وعزاء في وفاة رئيس دولة صديقة يتبرع بها أصدقاء ؟
فلننظر إذن كيف رثاه أعداؤه الذين كان انتصاره عليهم تاج بطولة .
قالت صحيفة " التايمز : " إنه أول زعيم مصري عظيم يحكم مصر في العصر الحديث وقد استطاع بقوة شخصيته أن يجعل من مصر دولة كبرى يجب أن تعامل دائماً بجدية وان يخشى الجميع بأسها . لقد كان رجلاً مرموقاً يتطلع إليه الرجال " . وقالت صحيفة " الجارديان " : " إن عظمته تكمن في شعوره بمصر ونحو العالم العربي وفوق كل شيء نحو الفلاحين العرب " . وقالت صحيفة " الديلي ميل " : " إن عبد الناصر كان الزعيم المتألق في العالم العربي " . لقد كانت لدى بريطانيا أسباب تحملها على ألا تحب سياسة عبد الناصر ومع ذلك يجب الاعتراف بأن شخصية عظيمة قد ماتت " . ووصفته وزارة الخارجية الانجليزية بأنه " واحداً من أكثر زعماء العالم هيبة ومكانة .. وإن أي شخص موضوعي لابد أن يعترف بأن الرئيس عبد الناصر قد ترك أثره على العالم كما انه اكتسب احتراماً كبيراً لبلده وللعالم العربي " . وقال جورج براون " وزير الخارجية البريطانية " : " لقد كان أفضل رجل في الشرق الأوسط وكان رجلاً عظيماً جداً . إن وفاته هي أسوأ نبأ سمعته في حياتي . لقد كان واحداً من اعظم الرجال في العالم " . وقال كريستوفر مايهيو الوزير البريطاني : " إن الرئيس عبد الناصر كان رجلاً عظيماً ووطنياً حقاً " .وقال دتيس هيلي وزير الدفاع : " إن التاريخ سيذكر الرئيس عبد الناصر بأنه الذي اكتسب العزة والثقة للشعب العربي كله .. "
هكذا رثاه " الغير " من الاصدقاء والاعداء ..
أما " نحن " الذين فقدناه ،العرب أبناء الأمة الواحدة ، أفراد المجتمع الذي قاد معارك تحرره وانتصر ، فلا توجد لغة قادرة على ان تنقل إلى الجيل الجديد صورة ولو رمزية لشعب مفجوع وبحور من الدموع وذهول الرجال حتى الشلل الذي كالموت وصراخ النساء حتى الكلل فلا صوت ، وتدفق الناس رجالاً ونساء وأطفالاً من البيوت إلى الطرقات يجرون من كل الاتجاهات إلى كل الاتجاهات لايدري أحد من أين وإلى أين حتى كأن الشعب كله قد جن من حدة الشعور بالضياع . وقد فقد ملكة الادراك والهدى .
أحكي تجربتي الخاصة ..
إنني لم أكن يوماً من أقرباء عبد الناصر ولا من المقتربين منه ولا من المقربين إليه فلم أعرف الرجل عن قرب قط فلم أنبهر به شخصاً الانبهار الذي يؤكده الصادقون ممن عاشروه ، وإنما عرفته قائداً وحاكماً ومفكراً وبطلاً أي من خلال وظائفه الاجتماعية . فلما بلغني نبأ وفاته تجاوز ذهني الحدث إلى ما يمكن أن يحدث وظل مشغولاً بمصير الشعب لا بما صار إليه القائد . ثم ما هي إلا دقائق حتى سمعت صرخة حادة ثم صراخاً هادراً في الشارع فانطلقت أطل عليه من الطابق الخامس لعلي أتبين ما يجري فذهلت حتى الشلل الذي كالموت وأنا أرى الناس رجالاً ونساء وأطفالاً يتدفقون من البيوت إلى الطرقات ويجرون من كل الاتجاهات إلى كل الاتجاهات حتى كأن الشعب كله قد جن من حدة الشعور بالضياع فشعرت فوراً بضياع حاد وأصبحت جزءاً من الشعب المفجوع غارقاً معه في بحر من الدموع . وما تزال المنابع المضحلة لدموع الشيخ لا تنساب ، حتى هذه الساعة ، إلا حين تعود إلى الذاكرة صورة الشعب المفجوع بوفاة عبد الناصر .
هذا يكفي فيما نعتقد لنتأمل معاً صوراً مدهشة من الآثار الخفية للبطولة في الناس أفراداً وجماعات وشعوباً وأمماً ، وفي الناس أعداء وفي الناس أصدقاء . إن عبد الناصر الذي رثاه كل أولئك الأصدقاء والأعداء وانفطر له الشعب حزناً حين مات لم يكن حين مات وعلى مدى أربع سنوات سابقات على الأقل لا بطلاً ولا قائماً باداء دور بطولة . كان حاكماً ورئيس دولة وقائداً قومياً لجماهير الشعب العربي . ويمكن القول إنه كان مهزوماً على المستويات الثلاثة . وما كان يمكن أن يبقى قائداً وحاكماً ورئيس دولة بعد هزيمة 1967 ومسئوليته عنها إلا لأنه كان بطلاً من قبل . ولقد هم بعد الهزيمة بأن يخلي مكان القيادة لغيره فاندفع ملايين من البشر " المرعوبين " إلى الشوارع والطرقات متدفقين من كل الاتجاهات رجالاً ونساء وأطفالاً ، يطلبون إليه البقاء .. إنها صورة سابقة على ما حدث بعد الوفاة ولكنها – وإن كانت مصغرة – تحمل ذات الدلالة . ودلالتها يعرفها ويتحدث عنها ويدرسها أساتذة وطلاب علم النفس الاجتماعي والمهتمون بمعرفته .

خلاصة ما يقوله أساتذة علم النفس الاجتماعي وتردده مراجعه التوحد العاطفي . الوجداني ، النفسي .. بين البطل والناس . فهو يجسد ما يتمناه كل فرد لنفسه فيتقمصه كل فرد ويذوّبه في ذاته ليكمل ذاته به . وإذ يصبح البطل تجسيداً للمثل الأعلى الذي يتطلع إليه كل الأفراد في المجتمع يصبح البطل أداة لتماسك المجتمع ووحدته ومنتهى التأثير المتبادل بين البطل ومجتمعه إلى أن يؤدى بالنسبة إلى الناس فيه دور الأب من حيث القبول والثقة وتحقق الأمن ووحدة الأمل والمصير .

يقول الدكتور علي زيعور في كتابه " قطاع البطولة والنرجسية في الذات العربية – 1981 " أن الأبعاد العاطفية في علاقة عبد الناصر بالجمهور كثيرة وعميقة . وإلى جانب الواعي منها تقوم ( أبعاد ) أخرى لاواعية كانت من الغنى والحركة والجدلية والتفاعل بحيث كانت علائق تحدث اللحمة والنسغ " الالتحام والحفز على الحركة " في مسيرة الأمة باتجاه تحريك كوامنها وتحقيق الذات المرجوة للأمة الملتفة حول رئيس ملهم .. لم يكن ناصر أساساً ، ولا كان هو المحور الأول ، إلا لكونه المعبر عن لا وعي الأمة وعن النرجسية الجماعية وعن التعويض والتغطية لتطلعاتها والتحدث عن ذاتها المثالية " .

نضيف ما يقوله آخرون من اهل الذكر . إن ذاك ليس وصفاً للبطل بل بياناً لما يراه الناس في البطل ويتوقعونه منه ، بعد ان توحدوا معه لأن ذاك ما يرونه جديراً بهم وتوقعونه لأنفسهم . ومن هنا يمكن ان نقول إن الشعب المرعوب الذي خرج رجالاً ونساءً وأطفالاً يومي 9 و10 يونيو 1967 ليحول دون تخلي عبد الناصر عن مكانه في القيادة لم يكن مرعوباً مما قد يصيب عبد الناصر لو تخلى ولكن كان مرعوباً مما قد يصيبه هو إن فقد الأمل الذي كان يجسده عبد الناصر منذ 1956 ، كما أن الشعب المفجوع لوفاة عبد الناصر إنما كان يبكي مصيبته هو فيما فقد من أمل كان يجسده عبد الناصر .
ينقل الدكتور لويس كامل مليكة في كتابه " سيكولوجية الجماعات والقيادة – 1959 " عن كتاب هومانز " الجماعة الانسانية – 1950 " أنه قد أطلق على العلاقات العاطفية والنفسية وتفاعلاتها فيما بين القائد والجماعة الانسانية " النظام الداخلي للجماعة " تمييزاً عما أسماه " النظام الخارجي " الذي تواجه به الجماعة الموحدة مع قائدها الظروف الخارجية ..
السؤال الآن الذي ينبغي لأي ناصري أن يحاول الإجابة عليه هو : لقد مات عبد الناصر وترك لمن يريدون أن يكملوا مشواره تراثاً غنياً من الأفعال والأقوال والأفكار التي تشكل معاً نسيج " النظام الداخلي " الموحد بين البطل والناس ، فكيف يمكن ان تصاغ أو تعاد صياغة ذلك النظام الداخلي بين " الناصريين " وبين الناس بعد غياب البطل ؟ . أو بصيغة أخرى ما هي الأفعال والأقوال والأفكار التي كان " البطل " عبد الناصر جزءاً لا يتجزأ من مفهومها وكيف يمكن ان تبقى بذات المفهوم بعد غياب البطل ؟ .
حينما طرح دستور نابليون على الاستفتاء الشعبي في 7 فبراير 1802 سئل أحد الفرنسيين : هل وافقت على الدستور في الاستفتاء ولماذا ؟ قال : نعم وافقت لآنه أعجبني . فقيل له ما الذي أعجبك في الدستور ؟ .. قال أعجبني أنه فيه إسم نابليون . ( هيرفي دوفال – الاستفتاء الشعبي ) .
فيا أيها الناصريون ...
لقد أعجب الشعب العربي بأفعال وأقوال وأفكار بطل التحرير القومي جمال عبد الناصر وليست البطولة ناصرية . أو ليست الناصرية بطولة . فلستم أبطالاً مثله فما الذي ستقدمونه إلى الشعب العربي ضماناً لالتزامكم " إكمال مشوار عبد الناصر " .. بدون عبد الناصر ؟ .
لا أحد يطلب الإجابة من أحد . ولسنا نتحدى أحداً أن يجيب . إنما نجتهد مع المجتهدين في البحث عن الأجوبة الصحيحة من أجل مستقبل شعبنا العربي .. وفيما يلي سنتحدث تباعاً عن أثر غياب عبد الناصر البطل على عناصر تجربته التاريخية الغنية : المنهج والمنطلقات والغايات والاساليب . والله المستعان .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://eastfayoum.yoo7.com
 
عبد الناصر و " فلسفة الثورة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» عبد الناصر و " فلسفة الثورة ( جزء 2 )
» ما هو "بنك الطعام المصرى" ?
» د. أحمد زكى بدريطلع على الوضع المالى ل"معلمى الإدارات

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
إدارة شرق الفيوم التعليمية  :: معنا .. التعلم .. متعة-
انتقل الى: